لطالما سمعنا بضرورة تنظيم حملات مناصرة مجتمعية لهذه القضية أو تلك، وطالب الناس مؤسسات المجتمع المدني بمساندتهم -حسب تخصصات عملهم- لإنجاح الحملات.
منظمات المجتمع المدني بشكل عام تعمل بطرق مختلفة، بهدف الاستجابة لأي أزمة مجتمعية، أو لدفع عجلة التنمية في المجتمع الذي تنشط فيه. هذا الدور يكسبها قوة وتأثيرًا على عملية صنع القرار، خاصة عندما تقود حملات للمناصرة.
والمناصرة هي عملية منظمة تهدف للدفاع عن شخص أو قضية، نيابة عن صاحب القضية لاسترجاع حقه، وتحسين مستواه المعيشي وإيجاد العدالة الاجتماعية والمساواة له ولغيره في مجتمع يعاني من نفس مشكلته.
أي أن حملات المناصرة المجتمعية، تعني محاولة كسب التأييد والحشد لقضية سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية معينة، بـهدف إحداث تغيير مجتمعي فيها، يساهم في عملية التغيير المجتمعي الكلي.
فهناك حملات مناصرة للمرأة المعنّفة، وأخرى لدعم حقوق اللاجئين، وحملات لمكافحة الفساد وغيرها من الحملات التي تسعى إلى تقديم دلائل وحجج تساهم في تغيير السياسات والمواقف.
متطلبات حملات المناصرة الفعّالة
في عالم أصبح فيه الحديث الرقمي متاحًا للجميع، لم يعد من السهل أن تحقق حملات المناصرة أهدافها، ما لم تتحل بالعديد من المميزات التي تجعلها فعّالة.
الصدق والواقعية أهم شروط حملات المناصرة، فالمجتمعات مليئة بالمشاكل والتحديات الحقيقية التي يمكن أن تنطلق منها حملات مؤثرة.
ويجب أن يكون اتخاذ القرارات في الحملة تشاركيًا بين أصحاب القضية وبين من يدافع عنهم ويناصرهم. ومن المهم التنسيق بشكل صحيح بين منظمات المجتمع المدني التي تدعم مناصرة شخص أو قضية وبين المجتمع ككل.
وبالطبع يجب تحديد أهداف الحملة قبل انطلاقها، مثل الضغط على أصحاب القرار لتعديل قانون ما، أو الإنصاف المجتمعي لصالح قضية ما، أو غيرها من الأهداف الواضحة.
لماذا نتبنى حملات المناصرة؟
وجود القوانين التي تحكم المجتمعات وتنظم سيرها، لا يعني بالضرورة الالتزام بتطبيقه. كما أنه في بعض الحالات، يشعر المجتمع أنه بحاجة إلى دعم من نوع آخر لا تتحلى به نصوص القوانين الجامدة.
فهدف المناصرة الأساسي هو الدفاع عن قضية ما بفعالية، ومحاولة الضغط للالتفاف حولها ودعمها.
فنحن نتبنى حملات المناصرة لمساندة أصحاب القضية الأساسيين، ولتطوير أو تغيير السياسات والتشريعات الخاصة بفئة معينة، ولخلق وعي مجتمع يضمن عدم التساهل مع تكرار المشاكل.
على سبيل المثال، حملات مناصرة اللاجئين والنازحين السوريين، والحشد لمعاملتهم بشكل إنساني ومراعاة ظروفهم الصعبة وتوفير فرص عمل لهم، من شأنها أن تخلق وعيًا مستمرًا لتحسين أوضاع السوريين من ناحية، ولتعزيز فكرة حماية حقوق اللاجئ بشكل عام.
كيف تتم حملات المناصرة؟
اتباع إجراءات واضحة لحملات المناصرة المجتمعية يساعد في تحقيق نتائج إيجابية. تكون البداية بتحديد هدف ما، أو قضية ما، ثم يتم تحديد الفئات المستهدفة من الحملة.
غالبًا تكون جهات صنع القرار هي المستهدفة إلى جانب التوعية المجتمعية، وهنا يأتي دور حملة المناصرة في الربط بين مختلف الفئات لتقريب وجهات النظر ومحاولة تحقيق الهدف.
لا ينتهي الأمر باقتناع الأطراف بضرورة متابعة القضية. من المهم أن يتأكد القائمون على حملة المناصرة أن الجمهور أصبح مشارك ومؤثر حقيقي، وأن وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني تعزز هذه المناصرة، لتطويرها وتحويلها إلى مجموعة ضغط.
وتتعدد استراتيجيات كل حملة حسب طبيعتها، فهناك حملات قانونية وأخرى سياسية وأخرى إعلامية، وهناك حملات تستخدم أكثر من استراتيجية.
بعد انتهاء المدة الزمنية للحملة، يتم تقييم مدى نجاحها وتصويب مسارات الحملات الأخرى مستقبلًا.
كيف يمكن زيادة فرص نجاح حملات المناصرة؟
تواجه حملات المناصرة المجتمعية العديد من التحديات التي تمكن مواجهتها من خلال:
- التحالف مع الجهات والمؤسسات الأخرى المؤيدة للقضية موضوع الحملة، بهدف زيادة التأثير.
- اعتماد خطاب واضح وحازم، يحث على اتخاذ موقف معين.
- الإفصاح عن القائمين على الحملة، ودعمهم بالأدلة الكافية لتوضيح موقفهم.
- اعتماد المصداقية في كل مراحل الحملة.
- التمويل المستمر.
نظرة على حملات المناصرة للسوريين
مع بداية الأحداث عام 2011 في سوريا، انطلقت عشرات حملات المناصرة، استهدفت فتح أبواب الدول الأوروبية للاجئين، وجمع التبرعات لهم، وتسليط الضوء على معاناتهم الإنسانية.
استخدمت الحملات أساليب مختلفة في عملها، منها ما اعتمد على الفضاء الرقمي، ومنها ما دقّ أبواب السياسيين وانطلقت حملات أخرى إعلامية وإنسانية.
وفي الواقع نجحت الكثير من الحملات في تحقيق أهدافها مع بداية الأزمة على الأرض إلا أنها بدأت تفقد زخمها تدريجيًا.
صحيح أن العديد من الدول اقتنعت بفتح أبوابها للاجئين، وتبنّت الكثير من وسائل الإعلام مهمة فضح الجرائم الإنسانية، إلا أن ما نراه اليوم معظمه حملات مناصرة فردية ومبعثرة.
بعيدًا عن الحملات التي تطلقها مؤسسات المجتمع المدني كل فترة وأخرى، يحاول ناشطون تدشين حملات مناصرة لقضية بارزة ما تخص السوريين، لكنها مهمتهم لا تكون سهلة مع جملة التحديات الكثيرة والمعقدة التي تواجههم. فالمأساة الإنسانية السورية أصبحت لعبة بين الدول الكبرى، أكثر من كونها صراعًا داخليًا.
مضمار جزء من حملات المناصرة المجتمعية
“مضمار” كمؤسسة لدفع عجلة التغيير في المجتمعات، تعمل على تمكين المجتمع من خلال المناصرة والتشبيك واحتضان المبادرات الشبابية والناشئة والتطوير المؤسساتي.
فيما يلي بعض المساهمات التي قامت بها “مضمار” التي يمكن اعتبارها نوع من أنواع المناصرة للقضية السورية:
- والمساهمة بكافة البيانات التي تصدرها، وحضور الاجتماعات التي تنظمها مع المانحين .(NGO Forum) المدني الانضمام إلى منصة منظمات المجتمع
2. المساهمة في الغرفة الاقتصادية للمبعوث الدولي للأمم المتحدة.
3. المساهمة في مساحات الحوارات الباردة التي تعد أوراق عمل وتسلّمها للجهات المانحة والحكومات لمناصرة القضية السورية.
4. إعداد تقرير حول “التنمية الاقتصادية في زمن الحرب”، وتوزيعه على الجهات المهتمة.
5. المساهمة في ورقة علمية منشورة حول حوكمة القطاع الصحي في ظل النزاعات.
6. المساهمة في بحث علمي متعلّق بآليات دمج القطاع الخاص الصحي مع الخدمات الصحية المقدمة من المنظمات الدولية.
7. إعداد بحث علمي حول الواقع الاجتماعي بين المخيمات السورية والمجتمعات المضيفة للنازحين.