بناء قدرات المؤسسات.. ترس مهم في عجلة التنمية المجتمعية

بناء قدرات المؤسسات.. ترس مهم في عجلة التنمية المجتمعية

لمّا كانت هناك حاجة لجهاتٍ تفكر خارج نطاق البرامج الحكومية، وتركز على قضايا مجتمعية محددة، أو حاجات محلية لا ترصدها أو تصلها الحكومات، إضافة إلى الحاجة إلى تنظيم العمل الخيري، صار ضروريًا وجود قوى مجتمعية منظمة تسد هذه الحاجات.

فنشأت مؤسسات المجتمع المدني التي تمثل المجتمع بقضاياه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها. واليوم تُعرف المؤسسات المجتمعية على أنها منظمات غير حكومية وغير ربحية، تعمل لتلبية احتياجات المجتمع ومناصرة قضاياه، مع الالتزام بالمعايير الأخلاقية والثقافية والإنسانية وغيرها. 

مؤسسات المجتمع المدني في سوريا

قبل عام 2011، كان المجتمع المدني السوري يخضع لرقابة وإشراف حكومي، مما أضعف دوره الأساسي، وجعل الناس يعزفون عن المشاركة المجتمعية الفعالة فيه.

أما بعد عام 2012، نشطت المؤسسات المجتمعية أكثر، ولعبت دورًا مهمًا في التضامن والتعبير عن احتياجات المجتمع، وتمكينه، والدفاع عنه، ونصرته. 

اشتداد القتال اضطر الكثير من العاملين في منظمات المجتمع المدني إلى مغادرة البلاد، ونشأت مؤسسات تعبر عن احتياجات المجتمع السوري خارج حدود سوريا، خاصة في المناطق القريبة جغرافيًا مثل تركيا ولبنان. 

في المقابل، لعبت الأزمة السياسية دورًا إيجابيًا في إعلاء أصوت هذه المنظمات التي تعدّ مستقلة، وكثّفت دورها الرقابي، كما تلقت تمويلًا إضافيًا مع المهتمين بقضايا السوريين حول العالم. 

أدوار المجتمع المدني في سوريا

وبغض النظر عن مكان تواجد المؤسسات، يمكنها أن تلعب أدوارًا مهمة في نصرة قضايا المجتمع السوري. 

أهم الأدوار التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني: 

المناصرة: فقد أصبحت مناصرة قضايا السوريين على اختلافها، والحشد لها، من أهم أولويات المؤسسات المجتمعية. ولاقت الكثير من المؤسسات تفاعلًا مع أصواتها، وكانت أداة ضغط لتلبية احتياجات السوريين على اختلاف أماكن إقامتهم. 

الرعاية المجتمعية: ففي ظل انشغال الأطراف السياسية المؤيدة للنظام أو المعارضة له بالمعارك بالمسلحة على الأرض، ظهرت الحاجة إلى مَن يرعى السوريين بفئاتهم المختلفة، ويلبي احتياجاتهم، الأمر الذي زاد الدور المُلقى على عاتق المؤسسات المجتمعية. 

الرقابة والتوثيق: لعبت المراصد الحقوقية بشكل خاص دورًا مهمًا في توثيق الانتهاكات ضد فئات الشعب السوري، ورفعت الصوت عاليًا من خلال شهادات وأرقام حقيقية، تكشف فظائع ما يحصل منذ سنوات. 

المساهمة في التطوير: فالعديد من المؤسسات المجتمعية أخذت على عاتقها تطوير مهارات وقدرات السوريين الذي صاروا يعانون أكثر من الفقر واللجوء والنزوح. وهو دور استراتيجي يصب في إطار التنمية المجتمعية. 

“مضمار” وتمكين المجتمع المدني

في “مضمار” نؤمن أن تحقيق التنمية المستدامة يعتمد في جزء كبير منه على مساهمة المجتمع المدني سواء كانوا مؤسسات أو ناشطين مجتمعين. لذلك نركز على تمكين المجتمع المدني من خلال تقييم التحديات والمشاكل، وطرح حلول قابلة للتنفيذ، ودراسة الفرص والتمويل المحتمل لتطوير المؤسسات بما يساهم في تنمية المجتمع.

وفي ظل السلطة المطلقة في سوريا، وغياب الدور المؤثر للمجتمع المدني قبل عام 2011، وضعف الدور الحكومي، وانعدام المشاركة السياسية والبرلمانية، وسيطرة المؤسسات الأمنية على البلاد، بدت مهمتنا ملحّة أكثر رغم صعوبتها. 

ومن خلال برامجنا في “مضمار” ندعم تمكين المجتمع المدني من خلال بناء قدراتهم، واحتضان المبتدئين منهم، ومساعدة المنظمات على إيجاد

مساحات مشتركة للتعاون من خلال التواصل والتشبيك. 

نماذج من مشاريع “مضمار” لتمكين المجتمع المدني

مشروع “بناء قدرات المؤسسات والمنظمات المحلية” الذي تم تنفيذه عام 2021، واحد من المشاريع المهمة، درس احتياجات المؤسسات المجتمعية التي كانت عاجزة عن تلبية احتياجات المجتمع، وتعاني من ضعف التنسيق، وترغب مع ذلك في دفع عجلة السلام والتغيير.   

عملنا من خلال تدريبات مكثّفة واستشارات مخصصة للمؤسسات المشاركة في المشروع، والتي تخدم المجتمع السوري بغض النظر عن مكان تواجدها. وشملت رحلة تطوير المؤسسات، تدريب وتوجيه، وتدريب أثناء العمل، وورش عمل لتبادل المعرفة والخبرات، بالإضافة إلى تقييم عالي الجودة للقدرات التنظيمية باستخدام الأدوات والمعايير التي تركز على المنظمات.

وكان من أهم النتائج التي حققها المشروع، رفع مستوى الوعي بين مؤسسات المجتمع المدني حول أهمية دورها التنموي، ورسم خارطة طريق للتحسين الذي يمتد تأثيره إلى ما بعد عمر المشروع. 

فقد عملنا في “مضمار” من أجل تحسين قدرات المؤسسات للتقدم باتجاه الاستدامة، والتأكد من أنها تُحدث أثرًا مستدامًا وتحسين التعاون بين المنظمات غير الحكومية السورية. 

عملنا بهذه الطريقة، يُشعرنا أننا أقرب إلى مجتمعاتنا، وأقرب إلى تحقيق رسالتنا كمؤسسة لتمكين المجتمع بالشراكة مع كافة الفئات من المنظمات المجتمعية وغير الحكومية ورواد الأعمال والشباب. 

المصادر:

التقرير السنوي

بروفايل مضمار

تجربة المجتمع المدني السوري

Leave a Reply

Your email address will not be published.Required fields are marked *