التدريب المهني.. نافذة الشباب نحو الاستقلال المادي

التدريب المهني.. نافذة الشباب نحو الاستقلال المادي

أواخر عام 2021 قدرت الأمم المتحدة أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بأكثر من 90% من إجمالي عدد سكان البلاد، وأشارت إلى أن كثيرًا منهم يضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية لتغطية نفقاتهم. وفي بلدان اللجوء، يعيش أكثر من 70% من اللاجئين السوريين في فقر، وهم معرضون للاستغلال وسوء المعاملة، بحسب التقرير السنوي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الصادر في العام نفسه.

جهود ومشاريع الإغاثة العاجلة وإن كانت تحل جزءًا من المشاكل المتلاحقة، إلا أنها لا تكفي لتحسين أوضاع وجودة حياة الشباب، بعد أكثر من 10 سنوات على استمرار الصراع وانعدام الأمان.

هذه الحقائق تعني أن الشاب بشكل عام، واللاجئ أو النازح على وجه الخصوص، يجب أن يغير ويطور قدراته لتحصيل الدخل، ويغير طريقة تفكيره وتوجهاته ليساعد نفسه وعائلته، مثل التوجه نحو التعليم والتدريب المهني أو التقني.

لماذا التعليم المهني مهم؟

التعليم أو التدريب المهني، هو الذي يعدّ الشخص بشكل كامل ليمارس مهنة أو حرفة معينة، بحيث يكون جاهزًا للانخراط في سوق العمل، سواء اختار تخصصًا يحتاج شهادة أم لا.

على سبيل المثال، العمل في الصناعات الدوائية والغذائية، يحتاج مهارة، بينما العمل في التخصصات الصناعية مثل الكهرباء وصيانة الآلات يحتاج شهادة ومهارة عملية.

وبالرغم من المميزات الكثيرة للتعليم والتدريب المهني، لا تزال النظرة العربية لدى الكثيرين سلبية ودونية، تقدّس الشهادات أكثر من المهارات، وهو ما يجب أن يتغير.

ففي الحالات الاقتصادية الصعبة مثل الهجرة واللجوء والنزوح، أو حتى البقاء في وطن يعاني من ويلات الصراع والحرب، يحتاج الشخص أن يندمج في أي سوق عمل حسب مكان إقامته.

على سبيل المثال، اعترفت العديد من الدول أن الأيدي الماهرة من اللاجئين السوريين، أحدثت فرقًا في اقتصادها، وأن هؤلاء اللاجئين لم يُعتبروا عبئًا إضافيًا لأنهم شقّوا طريقهم بأيديهم.

مجلة “فورين أفّيرز” ذكرت في تقرير حول التأثيرات الإيجابية للعمالة اللاجئة على الاقتصاد الألماني، أن اللاجئين شاركوا وساهموا في ازدهار ألمانيا منذ عام 2016. وكان عدد اللاجئين في السلك الوظيفي الذين أتقنوا اللغة الألمانية أو المندرجين في التعليم الحكوميّ أو التدريب المهنيّ يتزايد بوتيرة ثابتة.

“هنادي” تدعم الأطفال في مخيم الزعتري

قصة “هنادي” من مخيم الزعتري في الأردن -وثقتها تقارير الأمم المتحدة في أغسطس 2022- كانت نموذجًا مميزًا لحوالي 80 ألف شخص يعيشون في ظروف صعبة منذ عشر سنوات.

“هنادي” آمنت أن المهارات المهنية هي أمل الشباب، فقررت البدء بتعليم الأطفال مهارات الحاسوب، ضمن مركز تدعمه اليونيسف.  

فهؤلاء الأطفال نشأوا في ظروف غير طبيعية، وفرص محدودة، ما قد يؤثر على نظرتهم إلى مستقبلهم.

متطلبات نجاح خطط التدريب المهني

ورغم الأهمية الكبيرة للتدريب المهني للمجتمعات والشباب، من المهم توفر مجموعة من المتطلبات لتنجح خطط التدريب، أبرزها:

·       تطوير مناهج وطرق تدريس التخصصات المهنية في الأكاديميات والمؤسسات المختلفة، لتتوافق تمامًا مع احتياجات سوق العمل، وتطور المهن.

·       دعم المؤسسات والمعاهد التقنية بكفاءات تواكب الحداثة في المجالات المختلفة.

·       دعم الشراكة بين هذه المعاهد وبين المشغّلين وممثلي سوق العمل.

·       نشر ثقافة التدريب المهني وأثره الاستثماري على الفرد والمجتمع بين المجتمعات الفقيرة، مثل مجتمعات اللاجئين.

“مضمار” وتطوير مهارات التدريب المهني

في “مضمار” نحاول باستمرار دعم التوجه نحو التدريب المهني، فخصصنا مشروع مهارات للتدريب المهني، لتنمية المهارات المعرفية والتقنية والعملية المتخصصة التي تساهم في توفير فرص العمل للشباب السوري.

تلقى عشرات الطلاب تدريبات مكثفة في مجالات البرمجة والوسائط المتعددة والدعم النفسي والاجتماعي والطاقة المتجددة بشكل ينعكس إيجابًا على كافة مكونات المجتمع.

فمن ناحية، تزداد فرص الأفراد في الحصول عمل جيد، ومن ناحية أخرى تحصل المؤسسات والشركات على موظفين مؤهلين يحققون احتياجات السوق. هذا التبادل في الكفاءات يقود إلى تطور الإنتاج وتحسين نوعيته بغض النظر عن طبيعة وظروف المجتمع الذي يقيمون فيه.

خطوة على الطريق الصحيح

كيف أُصبح مؤهلًا؟ ومن أين أبدأ؟

أسئلة قد تدور في ذهن الشاب الذي عانى -ولا يزال- من تحديات معيشية كثيرة، والجواب باعتقادنا له جوانب عديدة.

يمكن أن يبدأ الشاب أو الشابة بالبحث عن مراكز ومؤسسات التدريب المهني، وينضم بشكل نظامي إليهم، بحيث يحصل على تدريب جيد خلال فترة زمنية محددة.

ماذا لو تعثّر الوصول إلى هذه المراكز؟ يذهب إلى التوجّه الآخر، وهو الانخراط المباشر في السوق. فبدلًا من البحث لأشهر عن عمل، وتلقّي الرفض لقلة التأهيل، يتم البحث عن مشغّل يقبل فترة تدريبية -ربما بأجرٍ أقل مبدئيًا- حتى يحصل الشاب/ة على المهارات اللازمة للالتحاق بفرصة عمل أفضل وراتب أعلى.

أما عن المجالات التي يمكن الانخراط فيها فهي كثيرة جدًا، ولابد أن أحدها أقرب إلى اهتماماتك. من المجالات الصناعية التي تتضمن الصيانة والكهرباء والتقنية، إلى المجالات السياحية والفندقية، إلى المهن المساندة للأطباء والمهندسين، إلى الحرف اليدوية كالخياطة والنجارة، إلى العالم التقني الجديد عبر الإنترنت، وغيرها الكثير من المجالات.

المهم أن تبدأ بالبحث، وتخطو أولى خطواتك نحو الطريق الصحيح.

:مصادر

اللاجئون والمهاجرون

أخبار الأمم المتحدة

Leave a Reply

Your email address will not be published.Required fields are marked *